
كما للحب، فإن للحرب أغانيها أيضًا. الحزن وجه آخر للفرح، كما الحرب وجه السلام الآخر. فمن اخترع السلاح لم يقصد أن يقتل الحياة، بل أن ينقذها من الأشرار أعداء الحياة.
في الحرب، الناس الذين لا يقاتلون ولا يُقتلون يُغنّون. نعم، يغنون ويرقصون أيضًا، لكنه الغناء المرّ والرقص ألمًا كما زوربا. أذكر أن أمي حين كانت تغضب، نسمعها تغني من الفلكلور الشامي، وتتحدث عن فترة الحكم العثماني للأمة العربية بأغنية “سكابا” التي تقول كلماتها:
سكابا يا دموع العين سكابا
تعي وحدك ولا تجيبي حدابا
وإن جيتي وجبتي حدا معاك
لأهدّ الدار وأجعلها خرابةتركوني أنوح واشتكي زماني
زماني والله بالهوى رماني
حبيب الروح ما أدري ليش جفاني
عفاني وراح خلّف لي العذابا
لقد كانت الدولة العثمانية تفرض على العرب التجنيد الإجباري، مما جعل الأغاني الشعبية تعبر عن معاناة الناس في ذلك الزمن.
أغانينا جبالنا الحنونة
على قمم الجبال العالية
اليوم غنيتنا الحلوة، من الأناضول الغالية، التي كانت يومًا جزءًا من بلاد الشام.
الأناضول الجميلة، كانت موطنًا لشعوبنا: السريان، الأشور، العرب، الكورد، بالإضافة إلى القليل من الأتراك.
أغنية “Yüce Dağ Başında”، والتي يُشار إليها أحيانًا باسم “Yoi Ver Dağlar”، هي أغنية فولكلورية أناضولية تقليدية، اشتهرت في العديد من المناطق الأناضولية، خصوصًا في: أرضروم، ديار بكر، ماردين، درسيم. الأغنية مغناة باللغة التركية مع بعض الكلمات الكردية، وتحمل طابعًا حزينًا وشجيًا يعبر عن الحنين، الفقدان، والمقاومة.
قصة الأغنية
الأغنية مستوحاة من قصص الحب والمعاناة التي كانت منتشرة في الأناضول خلال فترات الحروب والاضطرابات، بما في ذلك مقاومة السكان المحليين ضد القمع العثماني، أو الأزمات التي واجهتها الأقليات والشعوب الأصلية في تلك المناطق.
“Yüce Dağ Başında” تعني “على قمة الجبال العالية”، وهو تعبير شعري يرمز إلى الألم والحنين، كما أن الجبال في الثقافة الأناضولية غالبًا ما تمثل رمزًا للقوة، الحرية، والمأوى، لكنها في الوقت نفسه مكان للغموض، ورمز للحنان الذي يحتوي الإنسان من ظلم العصور.
الأغنية تروي قصة شاب أو فتاة تعاني من الحنين والحزن بسبب الفقد والغياب، حيث أجبرتهم الظروف القاسية على الهجرة واللجوء إلى الجبال هربًا من القمع أو الظلم الذي فرضه العثمانيون بحق الشعوب الأناضولية الأصلية.